طي النسيان
كنت أقرأ عن أحد الأعيان الظلمة في التاريخ، وذُكر عنه أنه "تسرَّى بالنساء بيضاً وسوداً" . وكما هي عادة الخواطر تأتي فجأة لأدنى سبب، تأملت في أولئك النسوة، في الواحدة منهن، كانت سنيناً من الدهر كياناً قائماً بذاته، لها اسم وشخصية وحياة بكل تفاصيلها، كانت شيئاً مذكوراً. ثم ها هي بعد قرون، تُذكر عَرَضاً، ضمن مجموعة، وقد نسيها التاريخ! سيتذكرك معاصروك، وربما الجيل الذي بعدك، ثم ينساك الزمان. فكرة مخيفة! ربما كانت أولئك الجواري على هامش الحياة، ربما لم يتركن أثراً لا حسناً ولا سيئاً، فطُوي ذكرهن، وطويت صحائف أعمالهن ودفنت معهن. لكن سيّدهُنَّ هذا الذي يُذكر إلى اليوم، قد تكون السيئات ما تزال تضاف إلى حسابه، وآثار ظلمه وفساده ومن استنَّ بسنته في صحيفة سيئاته إلى يوم القيامة. هذا أسوأ كابوس! أن لا تنتهي القصة بموتك، بل يستمر تسجيل السيئات عليك إلى أن يفنى الناس! {ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يُضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون} ، نسأل الله العافية. إن كانت الحال هكذا فخير لك ألف مرة أن تموت لا لك ولا عليك، تطوى صحيفتك بموتك، وينساك الناس والزمان،...