وعل جاهل مغرور

 

ما تقول في وعل رأى أن له قرنين فما عاد ينظر إلى الجبل بهيبة وعظَمة، بل ظن أنه استعلى بهما فصار نداً للجبل منازلاً له، حتى بلغ به الغرور أن ينطح الجبل عله يزيله من مكانه أو يُنقص من شموخه؟!

إن عجبتَ من فعل الوعل، فأعجبُ منه أقزام يبغضون صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وينتقصونهم، أو يرونهم وإياهم سواءً لا فضل لهم عليهم. وغالبهم ما جرَّأهم على هذا إلا جهل أو غرور.

فإن كان انتقاصهم رد فعل على مَن غلا فيهم وادعى لهم العصمة، فبئس الفعل ما فعلوا، فما بالتطرف يعالَج التطرف. أو كان موقفاً عَجلاً من أخبار مكذوبة واهية بلا مراجعة ولا تأكد، فهل الجهل إلا هذا؟! فلْيتعلموا معتقدنا في الصحابة ولْيقرؤوا الصحيح من أخبارهم ولْيسألوا "فإنما شفاء العِيِّ السؤالُ".

والواحد منهم -لو رأيتَه- عبد لشهواته؛ يعجز عن ترك أيسرها. ثم يقول بملء فيهِ: ما الفرق بيننا وبينهم؟! ولأي شيء ترفعون شأنهم؟!
وهم لو تأملوا حالهم وتقصيرهم في أداء حق الله وضعفهم عن مجاهدة الشهوات، وتأملوا أخبار الصحابة وجهادهم وتسليمهم لأمر الله ورسوله، لانعقدت ألسنتهم خجلاً ولمَا صدَر منهم ما صدَر و"رحم الله امرأ عرف قدر نفسه".

فلْيعرف أولئك قدر أنفسهم وليعرفوا للصحابة قدرهم، كُلِّهم؛ من أبي بكر وعلي وخالد إلى أبي هريرة وعمرو ومعاوية. فوالله الذي رضي عنهم وامتدحهم واصطفاهم لنبيه ما ضرَّهم كرهٌ ولا سبٌ ولا انتقاصٌ، لكن الضرر على الوعول الجاهلة المغرورة كبير كبير.
يا ناطح الجبل العالي ليَكلِمه --- أشفق على الرأس لا تُشفق على الجبل
كناطحٍ صخرةً يوماً ليوهنَها --- فـلـم يَـضِرهـا وأوهـى قــرنَـه الـوعِـلُ

أما سمعوا قوله تعالى في الحديث القدسي: "من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب"؟! إن لم يكن الصحابة أجلَّ أولياء الله في هذه الأمة فمن؟! فيا ويل من أعلن الله عليه الحرب! ويا خسارة من كان خصمُه يوم القيامة وليَّ الله وصاحبَ رسوله!

روى أبو عروة الزبيري: "كنا عند مالك بن أنس، فذكروا رجلاً ينتقص أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقرأ مالك هذه الآية {محمد رسول الله والذين معه...} حتى بلغ {يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار}، فقال مالك: من أصبح من الناس في قلبه غيظ على أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أصابته هذه الآية". نسأل الله العفو والعافية.

{ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم}
[6-4-1443]

تعليقات