سبعين رقعة
إن العلاقة بين الاعتزاز باللغة الأم وبين تعلم اللغات الأخرى وتكلمها عند الحاجة ليست "إما/أو". ففي ذات الوقت الذي أنا فيه محبة للغة العربية حد الغيرة عليها، وفخورة بها حد التعصب "الممدوح"، وألتذ بنحوها وصرفها وبلاغتها وإعجازها وجمالها، في ذات الوقت أنتشي للقراءة بالإنجليزية، وأطرب لسماع الإسبانية اللاتينية، دون أن يجعلني ذلك متناقضة ولا مضطربة.
كن متمكناً من لغتك، معتزاً بها، ولْيظهر أثر ذلك عليك، ثم تعلم أي لغة شئت،
وأعط كل لغة حقها في وقتها. وأنت متى عرفت لنفسك قَدرها
وقُدراتها، اطمأننت إلى ما لديك، إلى تمكنك منه، وأنه موجود تخرجه متى
لزم الأمر.
فلا تعود تحشو حديثك بكلمات أجنبية لا داعي لها،
تباهياً أو تعوداً أو لا مبالاةً، حتى يصبح كلامك العربي "كثوبٍ ضَمَّ سبعين رقعةً -- مشكلةَ الألوانِ مختلفاتِ"!
هل لاحظت كيف تختلف مفرداتك عند الحديث مع كبار السن أو من هم خارج تخصصك؟ هل ستقول لجدتك جملة مثل "حسيت بأنقزايتي قبل الإنترڤيو مع الإتش آر"؟! إذاً هناك انتقاء واعٍ للألفاظ، وهناك قدرة على استحضار المرادفات، فلماذا لا يكون هذا هو الشأن في الكلام كله؟!
أُقرُّ أن الرطانة حفرة كلنا واقعون فيها على أعماق متفاوتة، لكنها في النهاية عقلية يمكن تغييرها، أو عادة يمكن التخلص منها. وإلى أن يتم ذلك، إليك هذه الآلية المساعِدة:
عندما تتكلم، افترض أن من حولك لن يفهموا الإنجليزية، أو تخيل أنهم كبار في السن، وستجد أنك تقلل من استعمال الكلمات الإنجليزية بشكل كبير. وإن لم تعرف مقابلها العربي فترجمها، وإن خرج اللفظ الإنجليزي بحكم العادة فأتبعه بمرادفه العربي، وهكذا حتى يستقيم لسانك. وحينها يصدِّق لسانُ الحال لسانَ المقال حين يقول "إلى لغةِ الضادِ كان انتمائي -- وإني بميراثِ قومي فخورُ".
عندما تتكلم، افترض أن من حولك لن يفهموا الإنجليزية، أو تخيل أنهم كبار في السن، وستجد أنك تقلل من استعمال الكلمات الإنجليزية بشكل كبير. وإن لم تعرف مقابلها العربي فترجمها، وإن خرج اللفظ الإنجليزي بحكم العادة فأتبعه بمرادفه العربي، وهكذا حتى يستقيم لسانك. وحينها يصدِّق لسانُ الحال لسانَ المقال حين يقول "إلى لغةِ الضادِ كان انتمائي -- وإني بميراثِ قومي فخورُ".
[28-1-1443]
تعليقات
إرسال تعليق