الخلط بين حقيقة التشريع والتصورات الذهنية [الجَلد مثالاً]

عندما يُذكر الجَلد كأحد الحدود في الإسلام، ما الصورة التي تخطر ببالك؟
لعلها صورة شخص يرفع ذراعه لأقصى مدى، ويجلد بأشد قوته شخصاً مقيداً مكشوف الظهر، حتى يسيل دمه.

ربما تقرأ {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة} فتتردد بين التسليم وقول "سمعنا وأطعنا"، وبين الضيق والنفور من تلك الصورة المرتبطة بالجلد.
والواجب على كل أحد يجد هذا من نفسه أن يتوقف ويسأل: هل الجلد بهذه الكيفية هو الذي أمر به الإسلام؟

فإذا رجعتَ إلى أهل العلم، وجدتهم يقررون أنه لمَّا كان المراد من الجلد إنما هو التأديب والزجر والتطهير من الذنب، لا القتل والإتلاف، وُضعت الضوابط التي تضمن عدم الخروج عن هذا المقصد، فتأملها:
= لا تُنزع عن المجلود ثيابه، إلا ما كان كالفرو فإنه ينزع منه.
= يُجلد قائماً عند جمهور العلماء، ولا يُمدّ.
= لا يُربط أو يُوثق.
= تكون أداة الضرب وسطاً، لا جديدة فتجرح ولا قديمة فيقل ألمها.
= يكون الضرب متوسطاً، لا يرفع الضارب فيه يده بحيث يبدو إبطه.
= يُفرق الضرب على جميع الجسد.
= يُتقى ضربه في وجهه ورأسه وفرجه.
[الإسلام سؤال وجواب - الفتوى 13233]

فـشتّان بين عقوبة منضبطة هي في ذاتها رحمة، وبين ممارسات تعذيب ظالمة!

وعلى هذا المثال فَقِس. إن وجدت في نفسك حرجاً أو نفوراً من شيء من التشريعات والأحكام، فقف واسأل نفسك: ما سبب هذا الشعور؟ أهو الإعلام؟ أم تقاليد خاطئة؟ أم نماذج ظالمة؟ أم تصورات شخصية؟ ثم ابحث واسأل أهل الذكر: أهذا الذي أتصوره هو فعلاً ما أمر به الله ورسوله؟
فكم من حرجٍ أَزالَه تصحيح التصور، والعلم بما هو من الدين وما الدين منه بريء.

اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا.

[23-4-1444]

تعليقات