لو كان طعامنا الخيزران...

 


نوَّع الله لنا الطعام، وكان يمكن أن يجعله صنفاً واحداً يبقينا على قيد الحياة وحسب.

تأملت في هذا المعنى الذي سمعتُه عرَضاً...
كيف خلق الله لنا كل هذه الأصناف المتنوعة من الأطعمة: لحوم حمراء وبيضاء وأسماك وفواكه وخضار... تنوع كبير في الطعم والرائحة والقوام والفوائد، وكله محض كرم منه سبحانه!

ولو شاء خلَقنا لعبادته وحسب دون حاجة للطعام أو الشراب، كالملائكة. أو خلَقنا نحتاجهما، لكن أتاح لنا صنفاً واحداً فقط، يؤدي الغرض ويبقينا على قيد الحياة. كالباندا الذي يقتات حصراً بالخيزران، أو الكوالا الذي يأكل أوراق الكِينا صباح مساء!

ولو شاء ملأ الأرض بالثمرات المختلف ألوانها واللحوم السهل اصطيادها، ثم لم يأذن لأجسامنا بقبولها. فكلما جربنا شيئاً جديداً مرضنا، أو صعب علينا مضغه أو هضمه أو إخراجه، أو كانت رائحته كريهة وطعمه غير مستساغ، فنتركه ونعود مضطرين إلى صنفنا الوحيد.

فلم يجعلنا الله آكلي لحوم فقط، ولا آكلي نبات فقط، بل جعل غذاءنا المزدوج من كليهما ضرورياً لصحة أجسامنا، بحيث تتأثر بالاقتصار على أحدهما وغياب الآخر. ثم هيأ لنا من الأسباب والقدرات ما نطوِّع به الصعب من هذه الأصناف، فالقاسي نلينه بالطبخ على النار، والشائك ننزع عنه أشواكه، والعالي نتسلق لنحضره، وهكذا.

وقل مثل هذا في المشارب، فلم يكن شرابنا الماء حصراً كما معظم الحيوانات، بل هدانا إلى وسائل نعالج بها الأطعمة فتزداد قائمة مشروباتنا، ونعالج بها المياه ونحفظها فتجعل شربها هنيئاً مريئاً.

فانظر كيف يتودد الرب إلى خلقه بتسهيل حياتهم، وتطييب عيشهم، تفضلاً منه وإنعاماً!

{ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدىً ولا كتاب منير}
[26-2-1445]

تعليقات